إخوتي في الانسانية و الوطن.
نعم نحن اخوة في الإنسانية التي هي أصل وجودنا و إخوة في الوطن الذي يجمعنا تحت راية واحده بإختلاف عقائدنا و توجهاتنا و نظرتنا للحياه ففي النهاية و رغم كل الفروق نعيش جميعا تحت سماء هذا الوطن نحقق فيه أحلامنا و نصنع به مستقبلنا و نعيش جميعا في محبة و اخوة و نرجو ان نضيف اليهما المساواه و الحريه. نعم مساواة و حريه كلمتان نستحق ان يكونا واقعا ملموسا يعيشه كل أفراد هذا المجتمع دون النظر لأي فروق او إختلافات. كلمتان حلم بهما الإنسان و عاش من أجلهما المفكرون و الفلاسفة على مر العصور من أجل مجتمع إنساني يعرف معنى الرقي و السمو من أجل مجتمع ناجح على جميع الأصعده فحرية الفرد هي التي تميزة عن باقي الكائنات الحية و التي يحاول الأخرون إنتزاعها منه.
فهذا الكون الملئ بالكائنات جميعهم مشتركون في كل شئ إلا الإنسان فهو مميز عن بقية الكائنات أنه كائن قادر على الإختيار و لكي يستطيع ان يشعر الإنسان بهذه الميزة التي يختص بها فعلينا جميعا ان نحمي حرية الفرد في ان يختار وفقا لإرادته هو و فقط حتى يشعر أولا و اخيرا انه إنسان و ليس مجرد كائن مثله مثل باقي الكائنات التي جائت الى هذا العالم لتعيش لغرائزها و سترحل دون ان تتطور. فكان حلم الإنسانية على مدار تاريخها وجود مجتمع مثالي يضمن حق الفرد في أن يعيش بين أقرانه بكامل حريتة و أيضا لا يكون هناك تعدي من الفرد على حقوق الاخرين و كانت قيم الحق و العدل و الخير هي أساس لبناء ذلك المجتمع الذي حلم و ناضل من أجله مفكرون و فلاسفة و أخذو يضعون الأنمظة و التصورات لكيفية الوصول الحلم و الهدف من المدينة الفاضلة لأفلاطون الى التصور الشيوعي لماركس.
و لكن الأنجازات البشرية انجازات تراكمية سواء على صعيد العلوم الانسانية او العلوم الطبيعية فان كل الحضارات الأنسانية إستفاد ممن قبلها و أفادت من بعدها. الى أن جاء عصر التنوير ليلعن الأنسان بداية عصر جديد للأنسانية. عصر يقوم على إحترام العقل و حماية الحرية و نشر قيم المساواة و الحفاظ على العدل في المجتمع. و ظهر في هذا العصر مصطلح جديد يسمى الليرالية ليكون معبرا عن تلك القيم و المبادئ التي قام عليها العصر الجديد للإنسانية.
و هنا أحب ان أوضح على ان المفهوم الأساسي لكلمة الليبرالية قد تم تفسيرة تفسيرات خاطئة في منطقة الشرق الأوسط جعلت المفهوم السائد بعيد كل البعد عن المفهوم الحقيقي للفكر الليبرالي الحر و الهدف الذي جاء من أجله. و قد حدث هذا بفعل الجماعات الأصولية المسيطرة على الحياة الثقافية في منطقة الشرق الاوسط تارة باتهام الليبرالية بأنها العدو الاول للدين و تارة اخرى بانها سبب إنتشار الجنس و العري في العالم المتحضر.
و للاسف و بسبب إنعدام حركات الترجمة و ايضا عدم إهتمام المواطن العربي عموما بالقراءة فانه أصبح يصدق كل ما يسمع بل و أنه يصدق أيضا دون محاولة البحث عن الحقيقة. و لهذا ظلت الليبرالية مظلومة من يوم أن ظهرت و الى الان و لكن هل هي حقا كما يقولون عنها ؟
لذلك سنحاول تبسيط الصورة حتى يتضح بعض من تلك المفاهيم المغلوطة.
أولا الليبرالية هي ان تضع الحكومة الحرية الفردية كأهم هدف سياسي لها و قد يختلف الليبرالييون كثيرا و لكنهم جميعهم يتفقون على مبادئ عامة و منها.
حرية الفكر و التعبير و سيادة القانون و تقليل سلطة الحكومة و تداول السلطة و إقتصاد السوق الحر. و الليبراليون رغم اتفاقهم على الكثير من الأفكار و لكنهم ايضا منقسمون الى تيارين كبيرين. فمنهم الليبرالي الكيلاسيكي الذي يؤمن بان الحرية الحقيقية لا تحقق الا عندما نكون أحرار من الإكراة و هناك ايضا الليبرالي الاجتماعي و هو الذي يؤمن أنه على الحكومة أن تضمن حرية المواطنين و ذلك عن طريق ضمان الحق في التعليم و الحق في الرعاية الصحية و أن يكون هناك حد أدنى للأجور و ايضا يجمعهم بعض القضايا مثل حماية البيئة و التميز العنصري و ايضا إعانات البطالة
و لن نتحدث كثيرا عن بداية الليبرالية و لكن كان هناك في أوروبا ظروف معينه منها ظلم العائلات المالكة و سطوت رجال الدين على المواطنين هي من اهم أسباب ظهور الليبرالية كخلاص من تلك السطلة المسلطة على رقبة كل مواطن.
و كان جون لوك منأاوائل من وضعو الأسس الحقيقية للفكر الليبرالي عندما ألف "رسالتان عن الحكومة المدنية" و أهم هذه الأسس التي أرساها جون لوك أولا الحرية الاقتصادية و تعني حق الحصول و استخدام الممتلكات و ثانيا الحرية الفكرية اي حرية الإعتقاد ثم بعد ذلك وضع لوك نطريته الشهيرة و هي الحقوق الطبيعية او الحالة الطبيعية التي اصبحت بعد ذلك رائدة صياغة المفهوم الحديث لحقوق الانسان.
ثم ظهرت الثورة الفرنسية على مبادئ و مفاهيم فولتير رائد عصر التنوير و ايضا روسو و يجمع الاثنان أنهم قامو بماهجمة الكنيسة متمثله في سلطة رجال الدين و الدولة الى ان جاء كانط الذي وضع الميزان العام لعصر التنوير و وضع تعريفة الشهير ان عصر التنوير هو عصر تشكل تحت شعارِ "الجرأة من أجل المعرِفة".
أجاب إمانويل كانط عن سؤال ما هو التنوير؟ بقوله:" إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد." كما عرَّف القصور العقلي على أنه "التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو إتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا."
من هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول: "إعملوا عقولكم أيها البشر.. لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم.. فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها. كما حذر من الطاعة العمياء للقادة أو لرجال الدين.
الحقيقة ان الليبرالية جائت ليتخلص الانسان من اي سلطة من شأنها ان تقيد حريته و تحمي المجتمع من اي تعدي من فرد او جماعة على فرد او جماعة اخرى اي انها النظام الكامل المتماشي مع الحالة الطبيعية للإنسان فالإنسان ليس كائن يميل الى الخير او الشر بطبيعتة و إنما هناك من البشر من يميل للخير و هناك من يميل للشر و سواء كان من هذا او ذاك فإن الليبرالية هي النظام الوحيد الذي يمكن للنوعين ان يعيشا بسلام جنبا الى جنب فالإنسان ان كان يميل للشر لن يستطيع في ظل النظام الليبرالي ان يفرض رأيه او يضر بالإنسان الذي يميل للخير و الإنسان الذي يميل للخير ايضا لن يظلم.
و في النهاية فان كل البشر لابد و ان يتمتعوا بالحرية ولا يوجد اي فرق بين الانسان و باقي المخلوقات ان نزعنا منه تلك الحرية او الشعور بانه حر. نعم ان الإنسان خلق حرا. فحتى الايمان بالله الإنسان حر في اختياره لان الانسان لو كان مجبرا على الايمان بالله لكان من الملائكة و لو كان الانسان مجبرا ايضا على الكفر به لكان من اتباع ابليس و لاصبحت الدنيا ملهاة.
اذا فالبداية ان الانسان لديه الحرية المطلقة في الاختيار ما بين الايمان او الالحاد و ليس ذلك و فقط و إنما ايضا ما بين الخير و الشر و الصواب و الخطأ و الحب و الكراهية.
لذلك نحن بني البشر لسنا هنا على الارض من أجل ان نقيد تلك الحرية او نكون حكام و إنما نحن هنا لننظم الحياة على هذا الكوكب تنظيما يضمن لجميع من يعيش عليه السعادة و ان يشعر أولا و اخيرا بتلك الميزة التي فرقت بينه و بين باقي مخلوقات هذا الكوكب.
تلك الميزة هي حريته ولا شئ سواها.
No comments:
Post a Comment