Wednesday, September 16, 2009

تحرير العقل

منذ فجر التاريخ و الإنسان يبحث و يفكر عن العديد من الأسئلة التي لم يجد أحد إجابة لها إلي الان فتلك الأسئلة لا يوجد اي دليل مادي علمي يثبتها و لكن العقل البشري لا يقبل أن تكون تلك الأسئلة تحديدا بلا إجابات

كيف جئنا إلي هذا العالم. كيف وجد هذا العالم. متى بدأت الحياة. و كيف بدأت. و ما هي الحياة. و ماذا بعد الحياة.

هل تلك السنين المعدودة التي لا يمكن قياسها بالنسبة لعمر الكون و الحياة على الأرض هي كل ما نمتلك

تلك الأحلام التي يظل الإنسان يحاول تحقيقها هل سنفنى دون أن نحقق و لو اليسير منها.

اؤلئك الضعفاء الذين لا قوة لهم في المطالبة بحقوقهم أليس من العدل أن يأتي يوم و ترد إليهم حقوقهم و معاقبة ممن ظلمهم.

و لكن العمر قصير و قد يموت المظلوم قبل أن يأخذ حقه ممن ظلمة أو يموت الحالم دون أن يحقق أحلامه أو قد يجد كل الظروف لا تسمح له أن يحقق ذلك الحلم. فما الحل إذاً لم يتكن الحياة سبيل لتحقيق أحلام و طموحات الإنسان ولا هي أيضاً عالم لا يظلم فيه بعضنا بعضا.

لتخيل القصة من البداية ...

في البداية كان الإنسان كائن محدود القدرات يخاف من الطبيعة و من أقرانه من الكائنات الحية و ليس لديه قدره على التخاطب ثم بدأ يتكاثر و يتطور و انشأ المجتمعات كنوع من الحماية من الطبيعة ثم أصبح كائن أكثر تطورا مما سبق و استطاع أن يتحكم في الطبيعة بقدر ما استطاع أن يتوصل إليه من علم.

تطور الإنسان و تطورت معه الأسئلة بقدر ما كان عقلة يتطور و لكن الأسئلة الأبدية مازالت عالقة في ذهنه .

متى أتيت ..؟

و لماذا أنا هنا ..؟

و لماذا أنا اضعف من الطبيعة ..؟

بكل ما وصل اليه الإنسان وقتها من بناء معابد ضخمة و مقابر شهد لها التاريخ بعظمتها مازال الإنسان اضعف من الظواهر الطبيعية كالفيضان أو الإعصار أو البراكين. لا يعلم أسباباً للبرق ولا يعلم لماذا تهتز الأرض من تحت قديمة. الأسئلة كثيرة ولا توجد إجابة.

بدأ الإنسان في تخيل أن هناك قوى لا يعلمها و لكنها قادرة على تسيير السحاب و إنزال المطر و إرسال الصواعق عندما تغضب. بدت الفكرة منطقية حسب معطيات ذلك الوقت فرسم في خياله ألهه متعددة و بدأ الناس يتقربون إلي تلك القوى الخفية و محاولة إرضائها حتى تمنع عنهم غضب الطبيعية الغير مبرر لهم في ذلك الوقت إلا انه غضب من تلك الآلهة.

بدأت الفكرة تطور كما أن كل شئ يتطور و بدأ الناس في وضع تعريف محدد لتلك القوى الخفية و أصبحت إله ليس متحكما في الطبيعة و فقط و إنما اله صانع لكل ما حولنا خالق لكل تلك الكائنات التي نراها بما فيها نحن البشر.

بدا الدين و بدأت التعريفات و الشرائع و اصبح الدين هو التفسير لكل شئ واصبح هناك ما يسمى بالجنة و اصبح أيضاً هناك جنهم عقابا للظالمين الطغاة.

و لكن كيف تصل إليهم .

لا يمكن أن يكون مجرد الإعتقاد في الإله و التقرب اليه بالعبادات هو فقط السبيل الوحيد فكل ذلك من الغيبيات و لذلك بدأ الدين يأخذ دوره في الإصلاح الأخلاقي بما يمتلكه من أدوات عقاب تستطيع أن تجعل من الإنسان أن يفكر ألف مره قبل أن يظلم. كان الدين يقوم بدور الرقيب الداخلي نظرا لعدم وجود نظام حكم أو حكومة قادرة على حماية الملكية الفردية أو الحريات الشخصية.

و استمرت البشرية الآلاف السنين تروي و تحكي عن قصص لا يوجد لها اي شاهد او دليل و لكن لا يوجد أيضاً اي سبب لتكذيبها لانه ببساطه لا يوجد اي تفسير أخر. و يوما بعد يوم تطور الإنسان و استطاع حل كثير من تلك الألغاز. استطاع الإنسان أن يعرف أسباب سقوط المطر و أسباب اهتزاز الأرض من تحته و ليس كذلك و فقط بل بدا الإنسان يفكر كيف بدأت الحياة على كوكب الأرض و بل و كيف بدأت الحياة في هذا الكون.

لم يأتي هذا بين يوم و ليلة و إنما بعد أن تمرد الإنسان ضد الخرافة و الوهم الديني. كوبرنيكوس و جاليليو و ابن رشد و دارون و الكثير من المفكرين و العلماء و الفلاسفة ممكن تمردوا على الخرافة الدينية و الأسطورة التي صنعتها البشرية بسبب قلة العلم وقتها.

تحرر البعض لكي تنعم البشرية بإنجازات علمية و حضارية لم يشهد التاريخ لها مثيل. و لكن أليس الان اصبح واجبا علينا جميعا أن نتصدى للخرافة الدينية و الوهم المزروع في العقل البشري منذ الآلاف السنين. أليس من حق البشر جميعاً أن تكون عقولهم خاليه من الخرافة. عقول لا تعرف الكراهية التي تزرعها الأديان في النفس البشرية و التحجر في العقل. طالما أن الأديان لم تستطع أن تثبت حقيقة تلك القصص فلماذا علينا أن نلقن أطفالنا أوهام و خرافات لنبني أجيال لا تعلم الحقيقة و قد تقاوم ذلك أيضاً.

نعم علينا أن نحرر العقل البشري من تلك الخرافات و الأوهام و استبدال ذلك بالحقائق العلمية و على العقل البشري أن يتقبل أن هناك ظواهر مازالت تحت البحث و أن عليه الانتظار إلي أن يبت فيها العلم برأي أو نظرية.

Thursday, September 10, 2009

الليبرالية و حرية الفرد

إخوتي في الانسانية و الوطن.

نعم نحن اخوة في الإنسانية التي هي أصل وجودنا و إخوة في الوطن الذي يجمعنا تحت راية واحده بإختلاف عقائدنا و توجهاتنا و نظرتنا للحياه ففي النهاية و رغم كل الفروق نعيش جميعا تحت سماء هذا الوطن نحقق فيه أحلامنا و نصنع به مستقبلنا و نعيش جميعا في محبة و اخوة و نرجو ان نضيف اليهما المساواه و الحريه. نعم مساواة و حريه كلمتان نستحق ان يكونا واقعا ملموسا يعيشه كل أفراد هذا المجتمع دون النظر لأي فروق او إختلافات. كلمتان حلم بهما الإنسان و عاش من أجلهما المفكرون و الفلاسفة على مر العصور من أجل مجتمع إنساني يعرف معنى الرقي و السمو من أجل مجتمع ناجح على جميع الأصعده فحرية الفرد هي التي تميزة عن باقي الكائنات الحية و التي يحاول الأخرون إنتزاعها منه.

فهذا الكون الملئ بالكائنات جميعهم مشتركون في كل شئ إلا الإنسان فهو مميز عن بقية الكائنات أنه كائن قادر على الإختيار و لكي يستطيع ان يشعر الإنسان بهذه الميزة التي يختص بها فعلينا جميعا ان نحمي حرية الفرد في ان يختار وفقا لإرادته هو و فقط حتى يشعر أولا و اخيرا انه إنسان و ليس مجرد كائن مثله مثل باقي الكائنات التي جائت الى هذا العالم لتعيش لغرائزها و سترحل دون ان تتطور. فكان حلم الإنسانية على مدار تاريخها وجود مجتمع مثالي يضمن حق الفرد في أن يعيش بين أقرانه بكامل حريتة و أيضا لا يكون هناك تعدي من الفرد على حقوق الاخرين و كانت قيم الحق و العدل و الخير هي أساس لبناء ذلك المجتمع الذي حلم و ناضل من أجله مفكرون و فلاسفة و أخذو يضعون الأنمظة و التصورات لكيفية الوصول الحلم و الهدف من المدينة الفاضلة لأفلاطون الى التصور الشيوعي لماركس.

و لكن الأنجازات البشرية انجازات تراكمية سواء على صعيد العلوم الانسانية او العلوم الطبيعية فان كل الحضارات الأنسانية إستفاد ممن قبلها و أفادت من بعدها. الى أن جاء عصر التنوير ليلعن الأنسان بداية عصر جديد للأنسانية. عصر يقوم على إحترام العقل و حماية الحرية و نشر قيم المساواة و الحفاظ على العدل في المجتمع. و ظهر في هذا العصر مصطلح جديد يسمى الليرالية ليكون معبرا عن تلك القيم و المبادئ التي قام عليها العصر الجديد للإنسانية.

و هنا أحب ان أوضح على ان المفهوم الأساسي لكلمة الليبرالية قد تم تفسيرة تفسيرات خاطئة في منطقة الشرق الأوسط جعلت المفهوم السائد بعيد كل البعد عن المفهوم الحقيقي للفكر الليبرالي الحر و الهدف الذي جاء من أجله. و قد حدث هذا بفعل الجماعات الأصولية المسيطرة على الحياة الثقافية في منطقة الشرق الاوسط تارة باتهام الليبرالية بأنها العدو الاول للدين و تارة اخرى بانها سبب إنتشار الجنس و العري في العالم المتحضر.

و للاسف و بسبب إنعدام حركات الترجمة و ايضا عدم إهتمام المواطن العربي عموما بالقراءة فانه أصبح يصدق كل ما يسمع بل و أنه يصدق أيضا دون محاولة البحث عن الحقيقة. و لهذا ظلت الليبرالية مظلومة من يوم أن ظهرت و الى الان و لكن هل هي حقا كما يقولون عنها ؟

لذلك سنحاول تبسيط الصورة حتى يتضح بعض من تلك المفاهيم المغلوطة.

أولا الليبرالية هي ان تضع الحكومة الحرية الفردية كأهم هدف سياسي لها و قد يختلف الليبرالييون كثيرا و لكنهم جميعهم يتفقون على مبادئ عامة و منها.

حرية الفكر و التعبير و سيادة القانون و تقليل سلطة الحكومة و تداول السلطة و إقتصاد السوق الحر. و الليبراليون رغم اتفاقهم على الكثير من الأفكار و لكنهم ايضا منقسمون الى تيارين كبيرين. فمنهم الليبرالي الكيلاسيكي الذي يؤمن بان الحرية الحقيقية لا تحقق الا عندما نكون أحرار من الإكراة و هناك ايضا الليبرالي الاجتماعي و هو الذي يؤمن أنه على الحكومة أن تضمن حرية المواطنين و ذلك عن طريق ضمان الحق في التعليم و الحق في الرعاية الصحية و أن يكون هناك حد أدنى للأجور و ايضا يجمعهم بعض القضايا مثل حماية البيئة و التميز العنصري و ايضا إعانات البطالة

و لن نتحدث كثيرا عن بداية الليبرالية و لكن كان هناك في أوروبا ظروف معينه منها ظلم العائلات المالكة و سطوت رجال الدين على المواطنين هي من اهم أسباب ظهور الليبرالية كخلاص من تلك السطلة المسلطة على رقبة كل مواطن.

و كان جون لوك منأاوائل من وضعو الأسس الحقيقية للفكر الليبرالي عندما ألف "رسالتان عن الحكومة المدنية" و أهم هذه الأسس التي أرساها جون لوك أولا الحرية الاقتصادية و تعني حق الحصول و استخدام الممتلكات و ثانيا الحرية الفكرية اي حرية الإعتقاد ثم بعد ذلك وضع لوك نطريته الشهيرة و هي الحقوق الطبيعية او الحالة الطبيعية التي اصبحت بعد ذلك رائدة صياغة المفهوم الحديث لحقوق الانسان.

ثم ظهرت الثورة الفرنسية على مبادئ و مفاهيم فولتير رائد عصر التنوير و ايضا روسو و يجمع الاثنان أنهم قامو بماهجمة الكنيسة متمثله في سلطة رجال الدين و الدولة الى ان جاء كانط الذي وضع الميزان العام لعصر التنوير و وضع تعريفة الشهير ان عصر التنوير هو عصر تشكل تحت شعارِ "الجرأة من أجل المعرِفة".

أجاب إمانويل كانط عن سؤال ما هو التنوير؟ بقوله:" إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد." كما عرَّف القصور العقلي على أنه "التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو إتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا."

من هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول: "إعملوا عقولكم أيها البشر.. لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم.. فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها. كما حذر من الطاعة العمياء للقادة أو لرجال الدين.

الحقيقة ان الليبرالية جائت ليتخلص الانسان من اي سلطة من شأنها ان تقيد حريته و تحمي المجتمع من اي تعدي من فرد او جماعة على فرد او جماعة اخرى اي انها النظام الكامل المتماشي مع الحالة الطبيعية للإنسان فالإنسان ليس كائن يميل الى الخير او الشر بطبيعتة و إنما هناك من البشر من يميل للخير و هناك من يميل للشر و سواء كان من هذا او ذاك فإن الليبرالية هي النظام الوحيد الذي يمكن للنوعين ان يعيشا بسلام جنبا الى جنب فالإنسان ان كان يميل للشر لن يستطيع في ظل النظام الليبرالي ان يفرض رأيه او يضر بالإنسان الذي يميل للخير و الإنسان الذي يميل للخير ايضا لن يظلم.

و في النهاية فان كل البشر لابد و ان يتمتعوا بالحرية ولا يوجد اي فرق بين الانسان و باقي المخلوقات ان نزعنا منه تلك الحرية او الشعور بانه حر. نعم ان الإنسان خلق حرا. فحتى الايمان بالله الإنسان حر في اختياره لان الانسان لو كان مجبرا على الايمان بالله لكان من الملائكة و لو كان الانسان مجبرا ايضا على الكفر به لكان من اتباع ابليس و لاصبحت الدنيا ملهاة.

اذا فالبداية ان الانسان لديه الحرية المطلقة في الاختيار ما بين الايمان او الالحاد و ليس ذلك و فقط و إنما ايضا ما بين الخير و الشر و الصواب و الخطأ و الحب و الكراهية.

لذلك نحن بني البشر لسنا هنا على الارض من أجل ان نقيد تلك الحرية او نكون حكام و إنما نحن هنا لننظم الحياة على هذا الكوكب تنظيما يضمن لجميع من يعيش عليه السعادة و ان يشعر أولا و اخيرا بتلك الميزة التي فرقت بينه و بين باقي مخلوقات هذا الكوكب.

تلك الميزة هي حريته ولا شئ سواها.